القرآن الكريم

الدرس الأول من البرنامج الرمضاني.

  • عظمة القران واهميته.
  • حاجة الانسان الى قوة الإرادة لإقامة دين الله
  • دين الله يتناول بناء الانسان من كل جهة
  • العمل في سبيل الله هو بالشكل الذي تنمو معه المواهب والطاقات

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

اللهم اهدنا وتقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.

في الآيات التي ذكر الله فيها تشريع الصيام ذكر بالنسبة لشهر رمضان أنه الشهر {الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}(البقرة: من الآية185) ويدل على عظمة القرآن الكريم وأهميته أن يكون الشهر الذي أنزل فيه هو موضع عبادة، هي تعتبر ركناً من أركان الإسلام وهي الصيام.

بمناسبة نزول القرآن في شهر رمضان أصبح شهر رمضان شهراً مقدساً وشهراً عظيماً وهذه الأهمية، أهمية القرآن الكريم هي تتمثل في أهمية وعظمة البينات والهدى التي هي مضامين، وهي الغاية من إنزاله، والبينات والهدى هي في الأخير لمن؟ للناس. فيدل على الحاجة الماسة، الحاجة الملحة بالنسبة للناس، حاجتهم إلى هذه البينات، وهذا الهدى. أن تكون الفريضة التي فرضت في هذا الشهر العظيم هي الصيام، وهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن، يدل على أن هناك علاقة ما بين الصيام، وما بين القرآن الكريم من حيث أن ما في القرآن الكريم من البينات والهدى، أن الالتزام بهذه البينات والهدى، أن القيام بالدين على أساس هذا القرآن العظيم يحتاج من الإنسان إلى أن تكون لديه قوة إرادة، وكبح لشهوات نفسه، وترويض لنفسه على الصبر، وعلى التحمل.

فالصيام له أثره في هذا المجال، في مجال ترويض النفس. لأنك في أثناء نهار شهر رمضان تكبح شهوات نفسك، وتعود نفسك الصبر، والتجلد، والتحمل، تعود نفسك أنك أنت الذي تسيطر عليها، أنك الذي تسيطر عليها. فمن المهم جداً بالنسبة لنا عندما نصوم في شهر رمضان، عندما نصوم أن يستشعر الإنسان هذه الغاية من شرعية الصيام، يستشعر أنه يتجلد، ويتصبر، ويتحمل، ليعلم نفسه، يعلمها أنه هو الذي سيسيطر عليها بناءاً على توجيهات الله، بينات الله، هدى الله. تعود نفسك أنت الذي تقهرها، وتخضعها لهدى الله وبيناته. لا يكون شهر رمضان ندخل إلى هذا الشهر بعفوية، ونخرج دون أن نحسس أنفسنا بأننا قد قهرناها، من خلال نهار شهر رمضان، عندما نحس بالجوع، عندما نحس بالعطش نقول: لا. أليست هذه عملية تسلط على النفس؟ نوع من الترويض للنفس؟ وللجسم بكله على الصبر؟.

لأنه هكذا بالنسبة للقرآن الكريم، بالنسبة لبينات الله وهداه، يحتاج من الإنسان إلى أنه يخضع نفسه في مجال الاستجابة لها، والالتزام بها، والقيام بها، وهي تعتبر فترة قصيرة بالنسبة للسنة، شهر واحد من السنة، كلها تعتبر فترة قصيرة. ولهذا شرع أيضاً على سبيل التطوع صيام أيام أخرى، كصيام الست الصبر، وصيام الثلاث البيض من كل شهر، إضافة إلى أن الصيام كما يذكر الأطباء: أنه له فوائد كبيرة من الناحية الصحية. ومعنى هذا: بأن دين الله يتناول بناء الإنسان من كل جهة، أن في تشريعات الله ما الهدف منها أو من أهدافها: الجانب الصحي بالنسبة لجسم الإنسان، والجسم الصحيح، والجسم السليم، أو نقول: الصحة، وسلامة الجسم هي أيضاً هامة في مجال الالتزام بهدى الله، في مجال العمل في سبيل الله، في إقامة دين الله. هذه تساعدنا على فَهم: أن مسألة المرض، أنه لا يصح أن نقول دائماً: المرض، كل مرض ننسبه إلى الله، ونحن نرى في تشريعاته ما هي ذات أهمية كبرى في مجال صحة الجسم.

نحن نرى في تشريعاته ما هي بحاجة للنهوض بها إلى أجسام صحيحة وسليمة، كالجهاد في سبيل الله، هذه متنافية مع أن نقول: أن الله هو الذي يصب الأمراض صباً على الناس، أو الإنسان المؤمن، علامة أنك مؤمن عندما يصب الله عليك الأمراض، والمصائب صباً صباً كما في بعض الروايات. ولهذا تجد أن كثيراً من الأشياء الموجودة في هذه الأرض من النباتات، والمعادن، وحتى الشمس والهواء، يكون لها أثر كبير. أعني: تعتبر أدوية، نسبةً كبيرةً جداً من الموجودات في محيط الإنسان فيها أدوية، هي نفسها تدل على أنه مراد للإنسان أن يكون جسمه سليماً، أن يكون صحيح البدن.

لأن كثيراً من المسؤوليات في دين الله تحتاج إلى هذا الشيء، إلى صحة الجسم، إذا كان الجسم منهك تتأثر أيضاً في الغالب. أعني بالنسبة لغالب الناس، تتأثر حتى اهتمامات الإنسان، تقصر نظرته، يكون قريباً من الملل والضجر. إذا كان جسمه سليماً كانت ذهنيته صافية، متفتحة. وفي نفس الوقت تعتبر صحة الجسم نعمة كبيرة على الإنسان، نعمة كبيرة. ويجب أن يعرف أي إنسان منا بأنه، أي نعمة هو فيها بما فيها نعمة الجسم، نعمة صحة البدن، أنه يترافق معها مسؤولية. إذا كنت ذكياً، إذا كان لديك حافظة قوية، إذا كان جسمك سليماً فهي تعتبر نعماً يجب أن توظفها في سبيل الله. ودين الله سبحانه وتعالى، والعمل في سبيل إعلاء كلمته مجال واسع جداً يستوعب كل القدرات، ويستوعب كل المواهب، وهذا من النعمة الكبيرة على الإنسان: أن يكون متمكناً من أن يوظف كل طاقاته في مجال تعتبر عائداته كلها له في الدنيا وفي الآخرة، أليست هذه نعمة كبيرة؟.

إذا لم يتذكر الإنسان هذه النعمة قد يحصل العكس، إذا كان ذكياً، إذا كان عنده نفس طموحة، وذكاء في نفس الوقت، هي حالة إيجابية، إذا وظفها في هذا المجال، إذا لم يوظفها في هذا المجال، إذاً أصبح معرضاً قد يتحول ذكاؤه إلى شر عليه، وعلى الناس، قد يتحول إلى منافق، وغالباً ما يكون المنافقون من طبقة الأذكياء، في الغالب ما يكون المنافقون من طبقة الأذكياء، أما الغبي المسكين هو لا يستطيع بأن يكون عنده خبرة في مجال الذكاء والتضليل أو الخداع، أو أشياء من هذه. لكن الغبي يكون ضحية هذا، متى ما أصبح الذكي منافقاً كان الغبي نفسه عُرضة لأن يضل، لكن بالنسبة لمن نقول: غبي هو في الواقع إنسان قابل لأن تتطور معارفه، وتتفتح ذهنيته، أن يعطيه الله نوراً فيتحول إلى إنسان فاهم، إلى إنسان ذكي.

إذا توجه، ومسألة التوجه هي قضية يعرفها كل إنسان، الذكي من الناس، والبسيط في ذكائه يستطيع أن يفهم، أن يكون مخلصاً لله، أن يكون مستجيباً لله، أن يلتزم بهدي الله، حينها سيحصل على ما وعد الله به من كان على هذا النحو {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً}(الأنفال: من الآية29) {وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ}(الحديد: من الآية28) بنوا إسرائيل عندهم نوع من الذكاء، باقي المؤهلات، باقي مؤهلات، وراثة الكتاب، عندهم نوع من الذكاء، لكن لاحظ كيف أصبحوا يمثلون شراً كبيراً على البشر، وعلى أنفسهم في المقدمة، عندما لم يوظفوا ذكاءُهم في الاستجابة لله، وفي العمل في سبيل الله.

العمل في سبيل الله هو بالشكل الذي تزداد أنت فهماً، ومعرفة، وذكاء، وفطنة أعني: ليست عملية تقول: أنها تستنفد طاقاتي. هذه من الأشياء العجيبة في دين الله قد تكون كثيرٌ من الأعمال مثلاً، كثيرٌ من المهام، تستنفد طاقاتك، أما العمل في سبيل الله فهو بالشكل الذي تتنمى معه، وتنموا معه مواهبك، طاقاتك فعلاً. أليست هذه نعمة أيضاً كبيرة؟ نعمة أخرى كبيرة جداً. لهذا قال في الأخير: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}(البقرة: من الآية185) تعظمونه، وتكبرونه، وتجلونه، وتقدسونه على هدايته لكم، على ما هداكم إليه. هذه تعني: بأن الإنسان كلما وجد شيئاً من هدى الله، يجب أن يستحضر في ذهنيته: أن يكبر الله على ما هداه إليه، مهما بدت القضية كبيرة أمامك، يحاول كل إنسان أن ينسف من ذهنيته استثقال أي شيء، لا.النظرة الصحيحة هو في مقابل ما يبدوا وكأنه شاق، ما يبدو وكأنه صعب، ما يبدو وكأن النفس تحس بنوع من العنا في سبيل أدائه، يجب أن تلحظ بأنه من النوع الذي يجب أن تكبر الله على ما هداك إليه.

{وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}(البقرة: من الآية185). ليس هناك في دين الله، ليس هناك في ما هدى الله الناس إليه، ما هو خارج عن هذه القاعدة، وعن ما يجب أن تنظر إليه على هذا النحو، ما هي القضية التي يمكن أن تجعلها مصيبة؟ كل تشريع من تشريعات الله، كلما هدى الله الناس إليه هو كله من هذا النوع، من النوع الذي يجب أن تكبر الله على أن هداك إليه، وتشكره يعني هذا في الأخير: أنه نعمة كبيرة عليك، نعمة كبيرة عليك. أليس الصيام يبدو وكأنه يريد أن نجوع ونظمأ طول النهار؟ فتنظر إليه بأنه يعني: قضية مصيبة علينا؟ لا. يجب أن تكبر الله على ما هداك إليه، أن شرع لك هذه الفريضة لأنه عندما يشرع شيئاً لك، ويشرع لعباده، فكل ما يشرعه لهم، كلما يهديهم إليه، كلما هو نعمة كبيرة جداً عليهم، نعمة عظيمة جداً عليهم.

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com