القرآن الكريم

خطورة اليهود على هذه الأمة لشدة خبثهم وحقدهم عليها.

برنامج رجال الله اليومي.

السيد حسين بدر الدين الحوثي.

الدرس الأول من سورة ال عمران صـ1 ـ 2.

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعَالَمِينَ وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ}(آل عمران:100- 109). صدق الله العظيم.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} خطاب للمؤمنين كمؤمنين وباسم الإيمان الذي يحملونه وينطقون به ويقرون به، أنتم كمؤمنين وترون أنفسكم مؤمنين {إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} فريقاً منهم، فريق: طرف, وهو الفريق الذي يتحدث عنه القرآن الكريم بصورة خاصة – لأن القرآن الكريم كان حديثه حتى وهو يلتزم جانب العدل, ويتحدث عن الواقع – كان حديثه بالنسبة لأهل الكتاب هو أنه لا ينسى فريقاً آخر كان ما يزال ملتزماً، كان ما يزال فريقاً يهدي، كان ما يزال فريقاً يمثل الخير في كل أعماله.

هناك فريق الشر, وفريق الغدر، فريق الكفر، فريق الحسد، فريق الدهاء الشديد، {فريقاً من أهل الكتاب} أهل الكتاب هـم: اليهود والنصارى، وكـان معظم مـن يواجه الناس في تلك الفترة، ويدخلون في صراع معهم هـم – خاصة في بدايات فترة المدينة بعدما هاجر الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) إلى المدينة – هم يهود. كان من حول المدينة يهود في [خيبر]، و[بني قريظة]، و[بني قينقاع]، و[بني النضير]، ومناطق أخرى هم يهود، ولكن أهل الكتاب بصورة عامة؛ على الرغم من أن الله قد ضرب بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة، لكنهم بالنسبة لنا يمكن أن يتشكلوا فريقاً واحداً.

[أهل الكتاب] هو اسم يطلق على اليهود والنصارى، هم أهل الكتاب السماوي السابق، أهل التوراة وأهل الإنجيل، والواقع كشف هذا: أن أهل الكتاب، اليهود والنصارى اجتمعت كلمتهم علينا، أليس هذا الذي حصل؟ على الرغم مما حصل بينهم, ما بينهم من عداوة وبغضاء، وعلى الرغم مما قد حصل فيما بينهم في هذا العصر مما يُوغِر الصدور أكثر، ويرسخ العداوة فيما بينهم أكثر، كما حصل في [الحرب العالمية الأولى]، و[الحرب العالمية الثانية]، وكما حصل لليهود في مختلف مناطق العالم، وكما يقال – إن كان صحيحاً تاريخيا ً- ما حدث لهم في ألمانيا على يد [النّازِيّة] في [ألمانيا] في أيام [هِتْلَر] على الرغم من ذلك كله اجتمعت كلمتهم علينا، وأصبحوا جميعاً يعملون سوياً في مجال أن يردوا الأمة بعد إيمانها كافرة، أن يردوا المؤمنين كافرين بعد إيمانهم.

الآية تحكي حالة قائمة وستبقى قائمة، وإن كانت هي في البداية، ومن يقرأها في أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، وفي فترات من بعد موت الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) يتبادر إلى ذهنه أولئك اليهود الذين كانوا في المدينة وخارج المدينة، أولئك اليهود كانوا بالنسبة لهؤلاء الذين في عصرنا يُعدَّون [بدو] يعدَّون [بدو]، وإذا كان أولئك اليهود الذين يتبادر إلى ذهن من يقرأ هذه الآية في فترة نزولها وما بعد نزولها في القرون الأولى من تاريخ الأمة هذه، يتبادر إلى ذهنه أولئك اليهود الذين كانوا حول المدينة، أولئك الذين يُعدّون بالنسبة ليهود اليوم [بدو] أغبياء، أما هؤلاء فيهود متطورون جداً، في مكرهم، وخداعهم، وتضليلهم، يهود أصبحوا يمتلكون إمكانيات هائلة، إمكانيات رهيبة اقتصادية وإعلامية.

ولكن كيف؟ كانت تلك النوعية – الذين هم بدو بالنسبة لهؤلاء – كان فيهم ما يكفي فعلاً من الخطورة البالغة لدرجة أنهم من الممكن أن يصلوا بالمؤمنين من هم في زمن الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، والرسول بين أظهرهم والقرآن يتلى عليهم أن يردوهم بعد إيمانهم كافرين {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} ما هذه حالة رهيبة؟ يقلب الأمة, يقلب الناس من إيمان إلى كفر، ولن يكون فقط أنه مجرد التضليل الذي يصل بك إلى درجة الكفر من حيث لا تشعر، أو التضليل الذي يأتي من قبلهم وأنت لا تشعر أنه من قبلهم ولو شعرت أنه من قِبَلهم لتمردت عليه. لا.

هم يستطيعون أن يصلوا بالأمة إلى درجة أن تلمس أن هذا هو من قِبَلهم هم اليهود، وستنطلق في طاعتهم، هم يستطيعون أن يصلوا بالأمة إلى أن تطيعهم هم، وهم بكامل مشاعرهم يعرفون أن هذا من قِبَل اليهود، أو أن هذا يهودي ويطيعونهم؛ ولهذا جاء بالضمير {إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاًْْ} تطيعوا فريقاً {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}.

توحي الآية: بأن اليهود وهم دائماً في كل أعمالهم يلحظون جانب التكلفة؛ لأنهم المال لديهم عزيز، المال ينظرون إليه كسلاح مهم جداً، لكنه لديهم أيضاً له مكانة كبيرة لديهم، فهم معروفون بالبخل والحرص؛ لشدة نَهَمِهِم بالمال وجَشَعِهم عليه، فهم يلحظون أيضاً في جانب التضليل هو التكلفة، أن يضل الأمة وبتكلفة أقل، لا يريد أن يخسر كثيراً في تحويل الأمة إلى ضالة، لا يريد أن يخسر كثيراً وهو أيضاً يتحرك لضرب الأمة حتى ولو عسكرياً. هذا من الدهاء أيضاً, من الدهاء الشديد.

فما هي أقرب الوسائل إلى أن يجعلوا الناس كافرين بعد إيمانهم، ضالين بعد هداهم، نفوسهم مسالمة بعد إبائهم؟ هو أن يصلوا بالمجتمع إلى درجة الطاعة.

من يتأمل في أعمال اليهود هم كانوا يلحظون هذا الجانب، يلحظ وبخطوات متأنية وخطط دقيقة وحبة حبة إلى أن يصل بالأمة إلى أن تطيعهم، بل أن يتحول الناس إلى دعاة لطاعتهم، وحينئذٍ لا يخسرون شيئاً. يردون الأمة بعد إيمانها كافرة، بعد عزتها ذليلة، بعد مَنَعَتِها مقهورة وبتكلفة أقل، الشعور الذي لا يحصل عند أي شخص منا وهو يتشاجر مع الآخر ويتخاصم معه عند الحاكم، ما كل واحد سيفتح [الشمطة]؟ كل واحد سيفتح [الشمطة] ولو فيها خمسين ألف سعودي, مائة ألف سعودي يقرِّحها في رأس خصمه.

ليس بتكلفة أقل، ليس لدينا هذا الحس في مقام الخصومة في ما بيننا هو أن أتشاجر معك ولو من منطلق أن أحاول أن أحصل على حكم شرعي وبالطرق الصحيحة عليك، لكن أريد أن يكون بتكلفة أقل، ما كان هذه ستكون ميزة؟. فأصبحنا لا نمتلك – تقريباً – عقولا حتى في الصراع فيما بيننا ناهيك عن الصراع مع هؤلاء الدُّهاة، اليهود والنصارى.

ثم لماذا يحرصون أن يردوكم بعد إيمانكم كافرين؟ لماذا لا تتجه أذهانهم إلى مشاعر السيطرة وقهر الأمة واستعباد الأمة بعيداً عن مسألة التكفير والتضليل؟ بعيداً عن مسألة أن يردونا عقائدياً في أفكارنا في ثقافتنا في مواقفنا كافرين؟ أي هم هم يحرصون على أن يروك كافراً، لماذا؟.

نحن قلنا: اليهود لديهم [خِبرَة دينية]، ماذا يعني خبرة دينية؟ هم يعرفون أن هذا الدين حق، ويعرفون أن المؤمنين متى أصبحوا مؤمنين لا يمكن أن يقهروهم، لا يمكن أن يقهروهم أبداً متى ما أصبح الناس مؤمنين حقاً. فمن منطلق البحث عن تَدْجِين الأمة وبتكلفة أقل، تصور قد يقال – بالعقلية العربية عقلية صدام ونحوه – : [القهر بالدبابات والطائرات والقنابل النووية ما دام لدينا قنابل نووية فلندمر الأمة هذه]. ما هذه هي عقلية عربية لدينا؟. إنفجار كبير على الأمة وقهرنا أبوهم وطَحَسْنَا أبوهم، لكن كم تطلع التكلفة؟ تطلع مليارات الدولارات. آثارها سيئة جداً على اقتصادهم، والاقتصاد هو صمام مُهم في ميدان المواجهة.

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com