القرآن الكريم

متى ما آمنا بأن الله هو وحده إلهنا – إيماناً واعياً سنتقيه، سنسلِّم أنفسنا له، سنثق به، سنتوكل عليه

برنامج رجال الله.
الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي.
معرفة الله الثقة بالله الدرس الأول صـ 16 ـ 19.
{قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} (الأنعام:19) {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً} أعظم شهادة، هي شهادة الله، شهادة الله على توحيده، شهادة الله على صدق وعده ووعيده، شهادة الله على أنه سينجز ما وعد به أولياءه، شهادة الله بأنه رحيم بعباده فكل ما يرشدهم إليه, ويهديهم إليه هو من منطلق رحمته، شهادة الله بأنه القائم بالقسط، ويريد منك أن تكون من القائمين بالقسط لتكون من أوليائه؛ لأن أولياءه هم من ينطلقون في الحياة وفق هدايته.
{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ}(آل عمران: من الآية18) ثم يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ}(النساء: من الآية135) كونوا قوامين بالقسط كما أن الله هو من هو قائم بالقسط، ودبر شئون هذه الحياة على أساس القسط.
{وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}(الأنعام: من الآية19) ومن بلغه هذا القرآن، فهو نذير لكل البشر جيلاً بعد جيل إلى يوم القيامة، وفيه ما يكفي من المواعظ، فيه الإنذار الكافي، الإنذار عن عواقب الإهمال في الدنيا، عن عواقب التفريط في الدنيا، عن عواقب المعاصي في الدنيا، عن عواقب نسيان الله حتى هنا في الدنيا، والإنذار عن العاقبة الشديدة في القيامة من شدة الحساب، وعن العذاب الشديد في جهنم {لِأُنْذِرَكُمْ بِه}.
{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} (الأنعام:102) {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (لأعراف:158) {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} (التوبة:129) {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}(هود:14).
كم تتكرر هذه العبارة: {لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} {لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} ثم ينطلق ليتحدث عن أي شيء كما قال هنا: {لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}(هود: من الآية14). أي: مسلِّمون أنفسكم له باعتبار أنه: {لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} فليس هناك إله آخر يمكن أن تسلِّموا أنفسكم له، أو يدفعكم اعتصامكم بذلك الإله الآخر إلى أن لا تسلموا أنفسكم لله، لا إله إلا الله وحده فهو الذي يجب أن تسلموا له أنفسكم, وتعبدوا له أنفسكم.
{كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}(الرعد: من الآية30)، وهو القرآن {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ}(الرعد: من الآية30). هكذا يكون أنبياء الله، وهكذا يكون أولياء الله، يتوكلون على الله من منطلق إيمانهم القوي بالله، وثقتهم القوية بالله.
{هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ}(إبراهيم: من الآية52) القرآن الكريم بلاغ للناس {وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}(إبراهيم: من الآية52)، لاحظ كيف التركيز على أن يجعل {وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ}(ابراهيم: من الآية52) من أهم المقاصد القرآنية، هو رابع غاية من الغايات الأربع في هذه الآية، وهو الغاية الكبرى داخل هذه الغايات الأربع {وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} نعلم في قرارة أنفسنا ما هو مجرد خبر نسمعه يطرق آذاننا فقط، بل نعلم في قرارة أنفسنا أنما هو إله واحد، هو الله، فلنعبِّد أنفسنا له، ولنلتجئ إليه، ونتوكل عليه، ونثق به، {وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}.
{يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} (النحل:2)، موضوع هذا الدرس هو حول فهم ألوهية الله سبحانه وتعالى، تترسخ في أذهاننا مسألة ألوهية الله، ماذا تعني؟ متى ما آمنا بأنه هو وحده إلهنا – إيماناً واعياً وليس فقط مجرد كلام – سنتقيه، سنسلِّم أنفسنا له، سنثق به، سنتوكل عليه، نلتجئ إليه، نرغب فيه، نخاف منه.
{إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} (النحل:22) {وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} (النحل:51)، {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} (الكهف:110)، {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} (طـه:8) {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً} (طـه:98).
ولأهمية الإيمان بألوهية الله على هذا النحو، تصبح كلمة الإقرار، هذه الكلمة في الوحدانية هي بطاقة الدخول في الإسلام، وهي الذكر الذي يجب أن يردده الناس جميعا، وهي الذكر الذي يجب أن يتردد في الأذان، وهم يؤذنون وينادون للصلاة، كلمة:[لا إله إلا الله] وداخًل الصلاة [أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله] هي الشهادة التي تدخلك في الإسلام، وهي الشهادة التي تشهد بها وأنت في اللحظات الأخيرة من عمرك، فأنت تشهد أنه لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله.
الشهادة بوحدانية الله سبحانه وتعالى لأهميتها هي التي تجعلك تكفر بكل من يبرز لك إلها في هذه الدنيا غير الله، وإن كان هوى نفسك.. قد يبرز الهوى إلها لك، ويبرز الخوف إلها لك، ويبرز الطواغيت آلهة لك، وتبرز الدنيا إلها لك، وتبرز المطامع كلها آلهة لك.. فعندما تكون مقرراً في نفسك ألوهية الله وحده، فسوف تقهر كل من يبرز في هذه الدنيا إلهاً آخر غير الله لك.
ألم يقل الله: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ}(الجاثـية: من الآية23) أنت أيها الإنسان يمكن أن تتخذ هواك تجعله إلهاً لك، كذلك من تطيعه من دون الله فأنت قد عبَّدت نفسك له، من تطيعه في معصية الله تصبح قد عبدت نفسك له، فكأنك اتخذته إلها. ألم يقل الله لبني آدم: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} (يّـس:60) سمَّا طاعتهم للشيطان عبادة؛ لأنهم أطاعوه في معصية الله وكل من يوجب عليك أن تطيعه في معصية الله فقد جعل نفسه إلها لك، فإذا أطعته فكأنك عبدته، وكأنك جعلته إلها.
والإمام الناصر في [البساط] أكد هذه المسألة بشكل كبير، فيما يتعلق بتفصيل العبادة أنه جعل من ضمنها الطاعة، فمتى ما أطعت غير الله أصبحت مشركاً، جعله شركاً، تطيعه في معصية الله.
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}(الأنبياء:25) {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (الأنبياء:108). {وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (القصص:70) {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}(فاطر:3) من الذي يرزقكم؟ من الذي صوركم في الأرحام كيف يشاء؟ من الذي سخر هذا العالم لكم؟.. هو الله, هو الله.. الذي لا إله إلا هو.
أليس هذا يعني: أنه متجه إلى ترسيخ الإنشداد القوي به؟ واتصالك القوي به؟ وثقتك العظيمة به؟ {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} إذاً فعندما ترجع إليه، وتتوكل عليه، وتثق به هو من يملك رزقك، هو من يملك أن يرزقك، هو من يملك السموات والأرض، التي فيها ومنها رزقك.
{هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (غافر:65) لا إله إلا هو فارجعوا إليه وادعوه مخلصين له دينكم، مخلصين له في الدعاء. الدعاء كما ورد بأنه مخ العبادة، لكن الدعاء إذا ما ترافق معه عمل، الدعاء الذي لم يترافق مع تقصير، وإنما مع عمل.

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com