غزة: طغيان العدو يخلف 61 مليون طن من الركام بعد عامين من العدوان
| أخبار غزة | 3 جماد الأول 1447هـ الثقافة القرآنية: بعد وقف العدوان الصهيوني، لا تزال غزة تعيش في قلب مأساة إنسانية غير مسبوقة، حيث تواصل المعاناة اليومية صقل روح الصمود لدى سكانها. القطاع الذي تعرض لأكبر حملة عسكرية برية وجوية منذ سنوات، يعيش اليوم بين نار العدوان وحرائق التدمير، وسط حصار خانق يمنع وصول المعدات الأساسية لإعادة الحياة إلى الشوارع والمنازل المدمرة.
وتشير التقارير الرسمية إلى أن نحو واحد وستين مليون طن من الركام الناتج عن تدمير المنازل والمنشآت والبنية التحتية لا تزال مكدسة في شوارع غزة. هذه الكميات الضخمة تشمل القنابل المتفجرة، والذخائر غير المنفجرة، وبقايا الجثث، ورفات المفقودين المتحللة والمتفحمة، وهي بحاجة إلى معدات ثقيلة وجرافات لإزالة الركام وانتشال الضحايا.
في مساحة صغيرة وكثيفة السكان، ألقت قوات الاحتلال نحو مئة ألف طن من المتفجرات، ما أسفر عن تدمير حوالي 90% من البنية العمرانية. لتقريب حجم الدمار، يمكن تصور هذا الركام موزعاً في شاحنات تحمل كل منها عشرين طناً، سيمتد موكبها لمسافة ثلاثين ألف كيلومتر، أي ما يعادل ثلاث مرات المسافة بين غزة وواشنطن.
مقارنات وأرقام صادمة:
ويساوي هذا الركام وزن خمسة آلاف برج إيفل، أو ما يكفي لبناء ثمانية أهرامات من حجم الهرم الأكبر في الجيزة، أو لإقامة سور بطول وسعة سور الصين العظيم الممتد على 12 ألف كيلومتر.
ويعكس الواقع على الأرض مأساة غير مسبوقة، إذ لا تزال آلاف الجثث تحت الأنقاض، في انتظار تدخل عاجل من فرق الدفاع المدني والمعدات الثقيلة للبحث عن الضحايا وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
ويستمر الحصار في تقليص وصول المواد الغذائية والأدوية، مع استمرار المنع شبه الكامل لإدخال المساعدات الإنسانية، مما يزيد من أزمة التجويع والضغط النفسي على السكان.
اللافت أن الأحياء التي تم تدميرها بالكامل في مدينة غزة، ووسط وجنوب القطاع، شهدت عودة الأهالي رغم انعدام المقومات الأساسية للحياة، حيث نصب السكان خيامهم فوق الركام، مواصلين حياتهم اليومية بين أنقاض المنازل التي فقدوا فيها أحبائهم وأملاكهم، في مشهد يجسد إرادة صمود غير قابلة للكسر.
على صعيد الخدمات الأساسية، يعاني القطاع الصحي انهياراً شبه كامل، حيث تعجز المستشفيات عن تقديم الرعاية المطلوبة نتيجة نقص حاد في الأدوية والمستهلكات الطبية، ويحتاج أكثر من 22 ألف مريض إلى علاج عاجل خارج القطاع، بينما يظل معبر رفح البري مغلقاً في وجههم، مهدداً حياتهم، خصوصاً مرضى السرطان والحالات الطارئة.
وتتعرض شبكات المياه والكهرباء والمدارس والمرافق العامة لأضرار جسيمة، مع استمرار انقطاع الخدمات الأساسية، ما يزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية ويحولها إلى كارثة ممتدة. السكان يعيشون تحت ضغط نفسي هائل، بين الخوف من استئناف الهجمات وفقدان مقومات الحياة اليومية.
وتؤكد الانتهاكات المستمرة، سواء في غزة، أن المقاومة أصبحت حتمية في مواجهة عدو بالغ الغطرسة والتوحش، يستمر في سياسات التجويع والحصار، ويحول إدخال الغذاء والدواء إلى قضية سياسية معقدة.
ورغم كل هذا، يواصل أهالي غزة الصمود والتشبث بأرضهم، مؤكدين أن الإنسانية لا تموت، وأن الحق في الحياة فوق الأرض، حتى في أصعب الظروف، لا يمكن أن يُسلب بالقوة.
ويشكل الصمود الغزاوي رسالة للعالم بأسره، بأن إرادة الشعوب في الدفاع عن كرامتها حية، وأن العدوان المستمر لا يستطيع محو التاريخ، ولا كسر إرادة شعب يعيش بين الركام والنيران، لكنه يرفض الاستسلام.
وتظل غزة اليوم، رغم حجم الدمار الهائل والكارثة الإنسانية المتفاقمة، رمزاً للصمود في مواجهة آلة العدوان، ومكاناً يوضح للعالم حجم التحديات التي تواجه المدنيين تحت نيران الحصار والدمار المستمر.
المصدر المسيرة نت