القرآن الكريم

الوفاء للشهداء أمانة في أعناقنا. بقلم/ زيد الشُريف

| مقالات | 13 جماد الأول 1444هـ الثقافة القرآنية
الوفاء للشهداء أمانة في أعناقنا
كثيراً ما نسمع عن ضرورة الوفاء للشهداء العظماء وخصوصاً في الذكرى السنوية للشهيد أو عند استشهاد أحد المجاهدين، ولكننا نفتقر إلى معرفة كيفية الوفاء للشهداء وهل هذا الوفاء لفظي فقط ومجرد قول وثناء ومدح وشعر ونثر، أم انه وفاء معنوي احترام وتقدير وإحياء لذكرى استشهادهم فقط وانتهى الأمر، أم أن الوفاء للشهداء أعظم من هذا كله؟ الوفاء للشهداء ليس مجرد كلام وثناء عليهم وعلى تضحياتهم لمجرد الثناء والتذكر لهم وليس مجرد معنويات وجدانية نعبر فيها عن عظمتهم وعن حزننا لفقدهم وما شابه ذلك، الوفاء لهم يعني الوفاء لأرواحهم الطاهرة ودمائهم الزكية التي بذلوها في سبيل الله بتقديسهم وعدم استغلال تضحياتهم وجحود صدقهم وإخلاصهم هذا هو الوفاء لهم شخصياً ثم الوفاء العملي الصادق للمبادئ التي ضحوا من أجلها بأنفسهم وأرواحهم ودمائهم بمواصلة مشوارهم بنفس العنفوان والعزيمة والصدق والإيمان هذا وفاء للشهداء أنفسهم ثم وفاء لمبادئهم العظيمة ومسيرتهم الإيمانية التي أوصلتهم لعالم الخلود عند ربهم في عالم كله حياة لا موت فيه ولا فناء.
ثم من الوفاء للشهداء العظماء أن نكون أوفياء مع أولادهم وعوائلهم وأقربائهم وذويهم معنوياً ومادياً وتربوياً وصحياً واجتماعياً وفي مختلف المجالات منذ استشهادهم إلى آخر أيام الدنيا وليس فقط الاهتمام بهم في محطات زمنية معينة وانتهى الأمر ثم الوفاء لله تعالى الذي اصطفاهم واتخذهم شهداء بالشكر له وطلب العون والنصر منه والتوفيق على دربهم ثم الوفاء لآثارهم العظيمة التي أثمرت نصرا وتمكينا وعزة وقوة في مختلف المجالات بحيث لا نهدر ثمار تضحياتهم بأن يبقى الواقع سيئاً يحيط به الفساد والعبث من كل الجهات، بينما نحن نعلم عليم اليقين أنهم بذلوا أنفسهم وأرواحهم ودماءهم في سبيل الله نصرة لدينه وإنقاذا لعباده المستضعفين ومقارعة للباطل والظلم والجور والاستكبار ومن أجل تغيير الواقع من الأسوأ إلى الأفضل، فإذا بقي الواقع سيئا فهذا خيانة لهم واذا ازداد سوءاً فهذا خيانة وجحود واستغلال وعبث واستهتار بتضحياتهم واذا تغير الواقع للأفضل في كل المجالات، فهذا هو المعنى الحقيقي للوفاء للشهداء وهو أمانة في أعناقنا في الدنيا والآخرة ومسؤولية علينا القيام بها وعدم التفريط فيها.
اذا كان الله تعالى بعظمته وجلاله وقدسيته وجبروته قد منح الشهداء رضوانه وجنته وأجره ونوره ومنحهم الحياة الأبدية وميزهم عن سائر الناس بل جعلهم في مقام الأنبياء والصالحين جزاء ما قدموه من تضحية في سبيله حين بذلوا دماءهم وأرواحهم استجابة وطاعة له فقابل عطاءهم العظيم هذا بعطاء لا يستطيع احد أن يمنحهم إياه، منحهم الحياة الأبدية ونهانا عن أن نقول عنهم أموات لمجرد القول بل نهانا أن نفكر لمجرد التفكير انهم أموات ثم قال تعالى (وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ) ثم أخبرنا عن واقعهم ما بعد رحيلهم من بيننا استبشارهم ورزقهم ومشاعرهم تجاهنا وتمنيهم أن نلحق بهم وأن نفوز كمثلهم وغير ذلك الكثير مما حصلوا عليه، هذا يجب أن يدفعنا إلى الحذر من التقصير تجاههم وتجاه تضحياتهم ومبادئهم ويدفعنا لمواصلة مشوارهم والتأسي بهم والوفاء لهم قولا وعملا بشكل دائم ومستمر لأنهم أولياء الله ولأنهم أصدق الناس وأكثرهم كرما وبذلا وسخاء مع الله ولأنهم جادوا بأغلى ما وهبهم الله وهي أرواحهم ودماؤهم في سبيله وفي سبيل عزتنا نحن ورفعتنا وكرامتنا وقوتنا ومصلحتنا في الدنيا والآخرة.
نحن اليوم أمام امتحان صعب جداً إما أن نكون أوفياء حقاً وصدقاً وقولاً وعملاً أو خونة جاحدين لؤماء، إما أن نكون نعم البيئة الإيمانية الصادقة الوفية مع الله ومع أوليائه الشهداء العظماء أو نكون انتهازيين أنانيين مستهترين فنخسر ديننا ودنيانا وآخرتنا إن لم نجن ثمار تضحيات الشهداء جناية من يحسن التصرف مع نعم الله بالشكر والوفاء والمسؤولية ومواصلة الطريق على الصراط المستقيم نجني ثمار عطائهم بمسؤولية وحكمة ووفاء وليس جناية المزارع الجشع الذي همه أن يحصل على الكثير من المال من وراء ثمار مزرعته وهو لا يؤدي الزكاة ولا يطعم المساكين ولا ينفق في سبيل الله ولا يعترف بفضل الله عليه ولا حتى يهتم بتلك الأشجار ولا بتلك المزرعة إلا وقت موسم الحصاد، لقد أكرمنا الله تعالى أن اتخذ منا شهداء ونصرنا في اكثر من معركة على أعدائنا ومكننا من هزيمة الأعداء والانتقام منهم لمظلوميتنا ولم يتبق أمامنا سوى أن نكون أوفياء بكل ما يعنيه الوفاء مع الله أولاً ومع الشهداء ثانيا ومع أولادهم وأهاليهم ومع مبادئهم ومسيرتهم ومع آثار تضحياتهم وثمار عطائهم لنضمن لأنفسنا النصر والتمكين واستقامة الحياة والفوز والنجاة يوم نلقى الله ونلقى الشهداء.
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com